يصيبك حزن فتعتقد ان حياتك ستنتهي من بعده ولن ترى يوما آخر جميلاً.. يقتل الوقت الحزن وتعود حياتك طبيعية وربما افضل من ذي قبل.
في المقابل تحقق حلما فتعتقد ان حياتك بدأت الان وحققت السعادة التي كنت تنشدها .. يطفئ الوقت بريق ما حققت وتعود الى ما قبل تحقيق حلمك.
هذا ما نشعر به جميعا كبشر فهُناك مأساتان في الحياة كما يكتب برنارد شو، الأولى هي أن تخسرَ ما يتمناه قلبُك ، والأخرى هي أن تحصُلَ عليه، وربما قصد في الثانية ان تحقيق الاشياء يفقدنا اللهفة لها وذلك مأساة كبرى في نظره.
فلماذا تصبح الاهداف عادية عندما نحققها ؟ لماذا تصبح الاحلام عادية عندما تصبح واقعا؟ لا يتناقض ذلك مع الرضا والحمد، لكن يكفي ان تراقب سلوكك الشخصي لتشعر بانها اسئلة تستحق التأمل.
صدمني صديق لي حارب الدنيا ليتلقى عرضا وظيفياً من مؤسسة عالمية رائدة.. وعندما تلقاه جن جنونه .. واستمر يوما على هذه المنوال .. بعد عام سافرت لالتقيه وفي الطريق تخيلت عابثاً لو ان تلك السعادة الغامرة لاتزال تسيطر عليه، وبالتاكيد عندما التقيته كان ذلك الشاب المتوازن الرصين المشغول طوال الوقت.
العلم يقول في ذلك ان الانسان الطبيعي في علاقتة مع الحزن والسعادة رهن لـما يعرف بـ "مؤشر البهجة" او تكيف المتعة hedonic adaptation وهو نقطة ثابتة لمزاج الانسان تتحكم به الاحداث صعودا اذا كانت سعيدة وهبوطا اذا كانت حزينة، بينما يقوم الوقت باعادة المزاج قريبا من "مؤشر البهجة"، وبذلك يخفت الفرح ويتلاشى الحزن.
الابحاث تشير الى ان ذلك قد يحتاج مدة تصل الى عام، فلو انك ربحت مليون دولار فانك في لحظتها قد تطير من الفرح وربما ما يشبه الجنون، لكن لو عدت اليك بعد عام لوجدتك في ذات الحال الذي عهدتك عليه في الأعم الاغلب.
الامر كذلك ينطبق على فقدان عزيز، فبعد عام ستعود الى سابق عهدك ويزول حزنك، واشير هنا الى ان هذه المدة ليست ثابته وتختلف من شخص الى اخر، كما انها لا تنطبق على شريحة تميل الى البقاء حبيسة الاحزان.
وتعني الفرضية، بشكل أكثر وضوحا، أننا نحن البشر نميل إلى العودة شيئا فشيئا إلى مستوى ثابت من درجات السعادة بمرور الزمن بعد الحوادث، سواء كانت حوادث موجعة (ربح مال، ترقية، بيت جديد) أو مؤلمة (فقدان أحدهم، ازمة انفصال ..مثلا).
فرغم ما يبدو للوهلة الأولى أنه حدث قد يغير حياتنا بشكل جذري فإننا مع الوقت نعود لندور حول ذلك المستوى الثابت من السعادة، أعلى منه قليلا أو أسفل والذي اطقنا عليه اصطلاحا(مؤشر البهجة).
لذلك تجد ان احداث حياتك لا تمدك بذات المستوى من المشاعر ..حزنا كانت ام فرحاً ولك ان تتخيل لو ان ذلك حدث كم كان من الصعب على من حولك ان يتعاملوا معك ولاصبحت شخصا اما تعيش جنون الفرح ان انعزال الحزن.. ولا ترغب في صعود قمم جديدة.
لذلك حزنك سينتهي و نشوتك بالاشياء ستزول فلا تستسلم لالم ولا يوقفك فرح بتحقيق هدف عن تحقيق الذي يليه ..فحياتك تصنعها تلك التقلبات
فلا حُزْنٌ يَـدُومُ و لا سُــــرُورٌ ولا بُـؤْسٌ عليــك و لا رَخَـــاءُ