سنبدأ ببركة الله لسلسلة حلقاتٍ تتحدث عن إعجاز القرآن الكريم وعن فصاحته، ومن خلال هذه الحلقات نسعى لمعرفة كلام ربنا عَزَّ وجلَّ. نسأل الله القبول.
بلاغة القرآن في درجة الإعجاز.
هذه البلاغة هي بلاغة خارقة متولدة من جَزالة نَظْمِ القرآن وحسن متانته، ومن بَداعة أساليبه وغرابته وحسنه، ومن براعة بيانه وتفوقه وصَفْوَتِهِ، ومن قوة معانيه وحقّانيته، ومن فصاحة لفظه وسلاسته.
حيث يدعو أكثر أدباء بني آدم دهاءً، وأبلغ خُطَبَائِهم، وأكثر عُلَمَائِهِم إلى المعارضة، ويتحداهم منذ ألف وأربَعَمِائة سنة. وكما أن السِحر كان هو الرائج في زمن سيدنا موسى عليه السلام، والطبَ كذلك في زمن عيسى عليه السلام، وقد جاءت أهم معجزاتهما من جنس الرائج.
فكذلك نزل القرآن المعجز البيان في الوقت الذي كانت فيه البلاغة أكثر الأشياء رواجًا. وكان للبلاغة تأثير كبير في حياة العرب؛ فقد كانت الحرب الضروس تقوم بين فريقين بكلام بليغ لأديب وكانت تضع أوزارها ويتصالحان بكلام بليغ أيضًا.
فالقرآن دعا بُلَغَاءِ العرب آنذاك إلى الإتيان بمثل أقصر سورةٍ، وتحداهم بخطاباته.
فمثلا: (وَاِنْ كُنْتُمْ ف۪ي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلٰى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلهِ وَادْعُوا شُهَدَٓاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ اِنْ كُنْتُمْ صَادِق۪ينَ﴾.
ولو كانت المعارضة ممكنة، فهل كان من الممكن اختيار طريق الحرب الأخطر والأكثر إشكالاً وصعوبة. لأنه لو كان بُلَغَاؤُهُم استطاعوا أن يعارضوا القرآن ببضع حروف لكان القرآن قد تخلى عن دعواه، وتخلصوا هم من الهلاك المادي والمعنوي.
يقول القرآن المعجز البيان: أيها الإنس والجن إن كانت لديكم شبهة في كون القرآن كلامُ الله، وإن كنتم تتوهمون أنه كلام بشر، فها أمامكم الميدان اُخرُجُوا،
وَأْتُوا بكتاب مثل هذا القرآن من أمِّيٍّ لا يعرف القراءة ولا الكِتَابة ولم يدرُسهما مثل محمد صلى الله عليه وسلم الذي تصِفونه بالأمين.
فإن لم تستطيعوا أن تفعلوا هذا، فليكن غير أمِّيٍ، وليكن من أشهر الأدباء والعلماء.
فإن لم تستطيعوا أن تفعلوا هذا أيضًا، فليكن ليس واحدًا، اِجْمَعُوا جميع بُلَغَائكم وخطبائكم، بل جميع الآثار الجليلة لجميع البُلَغَاء السابقين، وبمساعدة جميع الأدباء القادمين، وهِمَم آلهتكم، وحاولوا بكل ما أوتيتم من قوة أن تأتوا بمثل هذا القرآن.
فإن لم تستطيعوا أن تفعلوا هذا أيضًا فاصنعوا كتابًا نظيرا لبلاغة القرآن التي في نَظْمِه فقط بغضّ النظر عن حقائقه التي لا يمكن تقليدها وعن معجزاته المعنوية الكثيرة، فليكن مفتريات ومختلقات وأكاذيب وحكايات باطلة.
فإن لم تستطيعوا أن تفعلوا هذا أيضًا، فَأْتُوا بـ"عشر سُوَرٍ" مثله فقط وليس كل القرآن.
فإن لم تستطيعوا أن تفعلوا هذا أيضًا، فَأْتُوا بسورة واحدة من مثله، بل هذا أيضًا كثير فأبرِزوا سورة قصيرة من مثله.
وحتى بما أنكم لا تستطيعون ولن تستطيعوا مع أنكم محتاجون إلى ذلك أشد الحاجة؛ لأن كرامتَكم وعرضَكم، وعِزَّتَكم ودينَكم، وعصبيَتَكم وشرفَكم، وأرواحَكم وأموالَكم، ودنياكم وآخرتَكم لا يمكن أن تنجو إلا بالإتيان بمثله،
فَسَتَفْنَى وتزول في الدنيا أرواحُكم وأموالُكم في هَلاكٍ بدون كرامةٍ وبدون عِزّةٍ وبدون شرفٍ في الذل.
وبما أنكم فهمتم عَجْزَكم واخترتم طريق الحرب بدلا من الإتيان بمثله بثماني مراتب في هذه الآية.
فلا شك أنه يجب عليكم أن تَعْلَمُوا بثماني مرات أن القرآن معجزٌ. وأَنَّهُ كلام الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
© Hayrat Vakfı
🏠 www.hayratvakfi.org
📺 www.hayrat.tv
🔊 www.hayratmp3.com
🌍 Sosyal Medya hesaplarımız:
/ hayratvakfi
/ hayratvakfi
/ hayratvakfi