أشكرك أخي الكريم، أحسنت الحديث، وهذا يدل على علم وفضلك، رعاك الله. ولعلك تأذن لي بمخالفتك في جزئية ذكرتَها، وهي قولك إن العربية الفصحى لم تكن متكلَّمة! أنا من الذين ذكرتَ أنهم يخالفون 😅 ولكن مخالفتي ليست عن جهل. وبيان ذلك فيما يلي: دعنا نسأل سؤالا يسقط الفكرة، وينسفها، وهذا كلام مصطفى الرافعي وليس كلامي: لو كان الشعراء يتكلمون في بيوتهم بلغة غير ما ينظمون به المعلقات ، فمن علّمهم الفصحى؟ إن قلتَ إنهم تعلموها في معاهد أو عند معلمين كما نفعل نحن، فليس ثمة دليل على ذلك، بل كان جلهم أميين، وإن قلت إنهم تعلموها من قوم قبلهم خالطوهم فاكتسبوها منهم، فنسأل السؤال نفسه، من علم أولئك القوم الذين تعلموا منهم؟ وهكذا يسقط ادعاء أن الفصحى لم يتكلموا بها. وإنما لجأ أصحاب الزعم إلى القول بذلك، لأنه كبر في نفوسهم واستحال لديهم، أن ينطق الجاهليون والعرب بهذه اللغة المتقنة المعقدة في أساليبها إعرابًا وتركيبا وألفاظا، فلجأوا لإنكار الفكرة أصلا، لكنهم كما تلحظ وقعوا فيما فروا منه من الاستحالة. وهذا الكلام إنما نوجهه لغير المؤمنين بنزول القرآن، من المستشرقين ومن تابعهم. أمًا المؤمنون فنقول لهم: أيهما أسبق؟ العربية أم القرآن؟ فقطعا سيقولون العربية، فنقول، كيف يمكن أن ينزل القرآن بغير معهود العرب من اللغة، (والقرآن على نحوٍ من الإتقان المتواتر الذي لا يتطرق إلى ثبوته الشك، وهو كما نعلم فصحى عالية، وإن تعددت القراءات، ولكنها جميعا "أعني السبعة" متواترة مقطوع بصحتها، موثوق بنقلها المحكم لفظا) فإن سُلّم بذلك، انتهى الإشكال. وإن نوزِع في ذلك، دخل الشك إلى القرآن وثبوته، وهذا ينقلنا إلى الحالة السابقة، وهي حالة المستشرقين الذين لا يؤمنون بالقرآن ولا بثبوت نزوله. حفظك الله ورعاك.

@RyhanMuhammad-bb2xh

9 ай бұрын

صراحة قد استفدت بما احتججت به أي كانت العربية العرباء لغتهم سليقة، وليست الفصيحة التي هي ترجمة للغات الأجنبية بالقرن التاسع عشر، إذن هي قد تكون لهجة من لهجاتهم، أو مازلت ترى ذلك نافيا للهجات القبائل ؟

@fsjhkhgrdl

9 ай бұрын

هي مجموعة لهجات، الفروق بينها طفيفة، لا تعدو في غالبها طرائق الأداء، على نحو ما نجده في القراءات القرآنية. الفصحى التي نعرفها اليوم، محسنة، منتخبة من عدة لهجات، (والفروق طفيفة كما قلنا)، لكنها مع أخواتها التي انتخبت منها كلها فصيح، وما اندثر ونسي منها أكثر مما بقي، ولكن الشأن في النظام اللغوي بمجمله، لا في الألفاظ أو الأصوات وحدها، فإذا قلنا إن ثمة قبائل كانت تُميل أو تروم أو تُشم (أعني الإمالة و الرَوم والإشمام) مثلا، فإن هذه ظواهر صوتية جزئية، لكن النظام اللغوي واحد، فكل القبائل كانت عربية اللسان، تقدم وتؤخر لغرض، وتُنكّر وتعرّف لغرض، وتفصل وتصل، وتحذف وتذكر، وتوجز وتطنب، إلخ… كل ذلك لأغراض بلاغية هي من خصائص العربية المبينة، العرب كانوا يفعلون ذلك، على نمط أو سنن واضح مبين، وقد رصد العلماء كل هذه الظواهر بدقة متناهية، وانظر إن شئت المحتسب لابن جني، أو الكتاب لسيبويه. الخلاصة أن ما قد يظن بأن لهجات العصر الأول هي هي اللغات العامية اليوم، خطأ فادح، ناتج عن خطأ منهجي كبير، فالجميع اليوم يقر بأن اللغات تتغير وتتطور، فكيف يُتصور أن لهجات القرن الأول هي لهجاتنا الآن. هذا من جهة، من جهة أخرى فإن الإعراب كان موجودا، وقد سقط الآن، بل سقط منذ أواخر عصور الاحتجاج، ومعنى هذا أنك ستجد من يلحن في العصر العباسي بل قبل ذلك، من أبناء العرب، في جزيرة العرب. وهذا الذي أقوله، هو ما عليه الإجماع، إجماع علماء الأمة، إلى ما قبل مئة عام، أي ظهور دراسات المستشرقين، الذي أرادوا حل مشكلات لا توجد إلا في عقولهم، فكتبوا لأقوامهم، وجامعاتهم، باللغة التي يفهمها أقوامهم وجامعاتهم، التي إليها ينتمون، ومنها يُبتعثون. فجامعات باريس ولندن لن تفهم إن قال لها المستشرق لقد أجمع علماء العرب على أن القرآن متواتر، ولن يفهموا إذا قالوا لهم، نزل جبريل بكتاب ولغة، هي عين ما كان يتكلم بها الناس في الجزيرة. سيعدون هذا الكلام كلاما غير علمي. وجاء بعضنا فعامل المسألة معاملة المستشرق غير المؤمن، وتابعه في قوله، إن الفصحى هي لغة مشتركة، كان يتكلم بها العربي في المنابر والأسواق الأدبية وحين يكتب القصيدة، وفي سائر يومه كان يتكلم لهجته المحلية الخاصة بقبيلته. والمستشرقون قد يُعذرون لأنهم بهذا، يحلون مشكلة نشأت في صدورهم، وهي: كيف يسترسل العربي فيتحدث بلغة فخمة كل الفخامة، هكذا سليقة، دون تحفظ، وتكلف، واحتراز من اللحن والخطأ. فأجاب عن هذه الشبهه لنفسه، ولقومه من الغربيين، باللغة التي يفهمونها: اللغة المادية، التي لا تؤمن بقرآن ولا بنزول القرآن.

@RyhanMuhammad-bb2xh

9 ай бұрын

@@fsjhkhgrdl أشكر لك كل هذا الوقت، لكن لماذا سقط الإعراب واستعجمت اللغة بهذه السهولة ؟ حتى المجتمعات المغلقة لم تحافظ عليها مثال البدو ؟