خطورة المبالغة في تقدير الذات

تتحاشى أن توضح لابنك انه اخفق في أمر ما .. مقصر او يحتاج أن يجتهد في امر اخر .. تخفي عنه الحقائق خوفا على مشاعره وكبريائه .. يكبر الولد ويكبر معه الوهم بأنه الأفضل، يدخل سوق العمل يجري مقابلة عمل مهمة معتداً بذاته فيقال له ما تجنبت طويلا ان تخبره به "انت لا تصلح لذلك.. "
من حيث لا تعلم تلام أنت كأب او أنتِ كأم لانكما ساهمتما في صناعة وهم ابنكما بشأن ذاته. ..مهاراته وقدراته..فكلما بالغنا في تقدير ذواتنا قلت فرص نجاحنا وكانت صدمتنا بالواقع "العنيد" أشد إيلاما وقسوة.
في عام 1969 انطلقت شرارة تمجيد الذات على يد عالم النفس الأمريكي ناثانيال براندن، الذي لقب بـ ابو تقدير الذات عبر كتابه الأكثر مبيعا "سيكولوجية التقدير" قال فيه ان توقير الذات اساسي ويتضمن نتائج عميقة على جوانب وجودنا، ومن هنا بدأت تروج عبارات من قبيل "العالم يدور حولك ..انت اولا لانك الأهم.. وأنت مختلف وفريد عصرك..الخ"
بدأ "عصر" الافراط في تقدير الذات يطغى، فلسنا بحاجة لأن نكون عظماء فعلاً، كل ماعلينا فعله هو ان نشعر او نتوهم العظمة، ولعل السوشيال ميديا سرعت وعمقت هذا المفهوم، حيث تصنع خوازميات منصات التواصل شهرة أحدهم ويتوهم "إنما أوتيته على علم عندي"، فالأدوات متاحة لتدخل عالم افتراضي مفتوح وتنتج فقاعة ذاتك، وستجد في هذا العالم اللانهائي مؤيدين ومتابعين وربما نافخين في فقاعتة ذاتك، ليرتد هذا عليك بالمزيد من الإغراق في الوهم.
الإفراط والمبالغة في تقدير الذات ، سيولد توقعات وأهداف غير واقعية ، وبالنتيجة سيجد المرء نفسه أمام خيبة أمل وإحباط مقحماً نفسه في تحديات قد تتجاوز قدرته على تحمل عواقبها.
بالمقابل كان في عالم النفس روي باومايستر يجري أبحاثا واسعة عن الذات، وصب جل تركيزه على المفاهيم المتعلقة بكيفية إدراك الناس لذواتهم وكيفية تصرفهم وآلية ارتباطهم بها. وان اصحاب تقدير الذات المرتفع لن يملكوا علاقات أفضل مع زملائهم .
أكثر من ذلك، استنتاجات بياومستر قالت ان اصحاب تقدير الذات المرتفع كانوا أكثر عنفا وعدوانية ولا يتمتعوا بالإخلاص، ولا يجدون مشكلة في الغش والتلاعب او ربما الادمان، ووصفهم بأنهم دفاعيين وضعيفي الحجة في الدفاع عن أنفسهم.
وعلى ما يبدو فان من الصعوبة بمكان ان نتخلص من التقدير المبالغ به لذواتنا لأن من الاسهل كثيرا ان تشعر بانك رائع ومميز على أن تكون رائع ومميز فعلا .
بالولايات المتحدة ان احتمالات بقاء شركة صغيرة لمدة 5 سنوات بعد تأسيسها 35%، ما يعني ان هناك 65% انفقوا كل مدخراتهم لتحقيق ما لم يمكن تحقيقه .. وهم ذاتي وتقدير مبالغ به لفرصة النجاح.
وقبل براندون وباومستر وجدالهما حول توقير الذات كتب الشاعر والفيلسوف الألماني الشهير يوهان غوتة في القرن السابع عشر"الفشل الاكبر ان ترى نفسك اكبر من حقيقتها، وذلك مؤذ بذات درجة أن تقدر نفسك باقل من قدرها الحقيقي".
وقبل الجميع قال الفيلسوف ديوجين "لا يوجد ما هو معاد للمعرفة اكثر من خداع الذات فأنت من المستحيل ان تتعلم امراً تظن انك تعرفه".
وهنا اسأل: هل تستطيع ان تحب احدا قبل ان تعرفه؟ إذن فإن معرفتك لذاتك وفهمك العميق لها هي ما سيقودك إلى حبها وتقديرها كما هي، بجوانب ضعفها وقوتها، وفي طريقك لهذه المعرفة -الضرورية وغير السهلة - ستكتشف جوانب قصور عديدة، تلك الجوانب ستخلق التوازن لذاتك، ستعرف كيف تشتغل عليها، وتجعلك لا تبالغ في تقديرها ولا تزدريها في آن معا، فالبداية إذن تكون كما قال سقراط "اعرف نفسك".

Пікірлер: 7

  • @omar_mikati
    @omar_mikati Жыл бұрын

    صح لسانك🙌

  • @lilyprincesse8721
    @lilyprincesse8721 Жыл бұрын

    اكتشفت قناتك اليوم ....راائعة ربي يوفقك

  • @Fadouadnane
    @Fadouadnane Жыл бұрын

    أختلف معك شيئا ما دكتورنا المميز والراقي تقدير الذات هو الذي ساهم بداية رحلة وعيي معكم ومع الدكتور إيهاب حمارنة، ربما تضخيم الأنا أو الإيجو هو السلبي في الأمر وشكراً لكم دائما نستفيد من دروسكم الراقية

  • @user-vp2td9pi2d
    @user-vp2td9pi2d Жыл бұрын

    اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم يا الله

  • @be_free86
    @be_free86 Жыл бұрын

    إعرف نفسك 👌

  • @kindahqabli4551
    @kindahqabli4551 Жыл бұрын

    انا فعلا رائعة وين المشكلة 😂😂😂😂

Келесі