خالد منصور مع أحمد عثمان و فتحى سليمان حول الأديب جون جينيه فى ليالى 11 12 2015

جان جينيه اللصّ الثائر بالكلمات احترف الرحيل في المكان والزمان، فهمه للوجود عمّقته روايات دوستويفسكي، فرّ من بريق الشهرة ليرتمي بين السكينة الروحية.
جان جينيه أحد رواد الأدب في العصر الحديث وقد ولد في 19 ديسمبر 1910م لأب مجهول وأم تخلت عنه بعد أشهر من ولادته .
قضى حياته في الأربعينات من القرن الماضي بين السجن وخارجه، وخلال ذلك ألف رواياته العظيمة وهي: يوميات لص ، معجزة الزهرة ، شعائرالدفن ، كوير يلليه مدينة بـريست . و لم تكن رواياته في الواقع منشغلة برواية قصة وإنما تستمد أصالتها في مشاهدها أو صورها التي تصوغ سلسلة الإيماءات التمثيلية القليلة المهمة والمحشوة من خلل سرديتها وتمنح تلك المشاهد أهمية واضحة الإيماءات ذات الرمزية المعقدة والشعائر المليئة بالمغزى التي تنتج تأثيرات غريبة في الرواية وتجد مكانها الشرعي في مسرح الأسطورة الذي تعود تقاليده إلى المسرح الإغريقي والصيني .
لم يكتف بالكتابة، وأراد أن يجرب السينما، فأخرج عام 1950م فيلمه الوحيد (أنشودة حب) وبعدها بسنة بدأت (دار غاليمار) بنشر سلسلة (الأعمال الكاملة لجان جينيه) وقدم للجزء الأول
منها جان بول سارتر بمقدمة طويلة تحت عنوان: (القديس جينيه، المتمثل والشهيد) .
كتب جينيه خمس مسرحيات فقط، ولكن لها تأثيرا مهما، وبخاصة خلال الخمسينيات والستينيات. ومنذ ذلك الحين انتعشت مسرحيتا (الخادمات) و(الشرفات) في العالم وترجمتا الى عدة لغات. وبعد نشر (كوريل من بريخت) تخلى جينيه عن الرواية وكرس نفسه لكتابة الدراما، ويبدو ان اختياره كان صائبا لان المسرح يناسب خياله وموهبته الإبداعية بطريقة أفضل.
اتجه جينيه إلى الكتابة السياسية في وقت متأخر، ونشر مقاله السياسي الأول (عشيقة السنين) 1968م، وفيه أثنى على زعيم انتفاضة الطلبة آنذاك، دانييل كوهين - بندي. وفي العام نفسه سافر جينيه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلن تأييده لحركة الفهود السود التي تدافع عن حقوق الأمريكيين من أصول أفريقية. وفي عام 1970م قابل ياسر عرفات ووعده بتقديم الدعم للقضية الفلسطينية. وبفضل اهتمامه بالفلسطينيين كان واحداً من أوائل الغربيين الذين دخلوا إلى مخيم شاتيلا بعد المجزرة التي نفذتها الكتائب عام 1982م وكان من نتائج تلك الجولة نص كابوسي بعنوان ( أربع ساعات في شاتيلا) .
كان جينيه مريضاً عندما عاد، للمرة الأخيرة إلى الأردن عام 1984م ودأب على كتابة (أسير عاشق)، وفي الخامس عشر من إبريل توفي في غرفة صغيرة بفندق باريسي حيث كان يصحح مسودات الكتاب ودفن في بلدة العرايش المغربية، مقابل البحرية في البلد الذي أحبه وعاشر أهله.
في هذه الصورة عن حياة جينيه، التي انتقلت إلينا عن طريق (أسطورته) التي خلقها جزئيا بنفسه نلحظ فجوات من الصعوبة بمكان ردمها، وتناقضات ظاهرة من المستحيل حلها. وان أول حيرة برزت إمامنا بما نعرفه عن السيرة الذاتية لجينيه، هي حرفته الادبيه ودربته، وكما قال سارتر: انه النصر الفعلي لكاتب - القوة التي منحت له من خلال سيطرته واستخدامه الابداعي للغة، ليتمكن من التغلب على طرقه. وتحويل يأسه وتمرده الى انتصار شعري - مكن جينيه من الوصول إلى الحرية الفكرية، وعن طريق الكتابة نجح جينيه في التعالي على معاناته وغضبه.

Пікірлер: 7

  • @kheriasalim5246
    @kheriasalim5246 Жыл бұрын

    مشاءالله ❤

  • @user-bu6kw4bs8t
    @user-bu6kw4bs8t Жыл бұрын

    Я восхищаюсь!!!

  • @nouraalattal6167
    @nouraalattal616710 ай бұрын

    ليس مهما ان يكون المبدع اكاديميا حكمك هذا بناءً علي الثقافة العصرية كل الكتاب المبدعين في التاريخ منذ هوميروس واسخيلوس لم يدخلوا الجامعة

  • @nouraalattal6167
    @nouraalattal616710 ай бұрын

    هارولد بنتر هاننغ مانكل جان جانيه كل هؤلاء كانوا يدافعون عن المهمشين والمنبوذين وعن قضايا العدالة

  • @nouraalattal6167
    @nouraalattal616710 ай бұрын

    لم يكتب الا عن نفسه؟

  • @fathiismail9453
    @fathiismail94538 жыл бұрын

    الأكونت الخاص على الفيس بوك للتواصل يا أستاذ خالد للتواصل مع حضرتك

  • @user-em7zu2zs3y

    @user-em7zu2zs3y

    Жыл бұрын

    facebook.com/profile.php?id=100063755708686

Келесі